علاجنا للتعارض الحاصل في أخبار تفاضل النبيّ الأعظم على أهل بيته المطهرين عليهم السلام
الإسم: *****
النص: باسمه تعالى
السلام عليكم سماحة الشيخ المحقق والفقيه المدقق ورحمة الله وبركاته ..
سؤال جلجل في قلوبنا واضطرب في صدورنا ولا سبيل لنا سواكم شيخنا بعد التوسل بآل الله تعالى صلى الله عليهم ..
بعض الروايات المعصومية كأنها تشير الى افضلية النبي الاكرم صلى الله عليه وآله على جميع الخلق بما فيهم امير المؤمنين صلى الله عليه وآله لان خاتم الانبياء نسخة مفردة ..
وقسم اخر من الروايات الشريفة توحي بل تصرح بانهما في الفضل سواء ..
فما السبيل للجمع بين الطائفتين وكما تعلم شيخنا الفاضل الجمع مهما امكن اولى من الطرح ..
نلتمس منكم كشف الظلمة عن هذه المسألة فانتم ممن عرف لحن كلامهم صلوات الله عليهم ولا يكون الرجل فقيها الا بهذه المعرفة ..
والله العالم بحقائق الامور
الموضوع: علاجنا للتعارض الحاصل في أخبار تفاضل النبيّ الأعظم على أهل بيته المطهرين عليهم السلام.
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته
ثمة طائفتان من الأخبار الشريفة في مسألة أفضلية النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلَّم على عامة الخلق بمن فيهم أهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام، ولا يجوز ترجيح طائفة على أُخرى من دون الموازنة بينهما من ناحية السند والدلالة ثم مقابلتهما للكتاب الكريم الذي هو الفيصل الحق في تمييز طائفة على أخرى بمقتضى الأخبار الكثيرة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب في عرض الأخبار عليه لمعرفة الصحيح من السقيم كما ورد في قولهم صلوات الله عليهم:" إذا جاءكم منا حديث، فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا (ولعلّه تصحيف إلينا)" ، وفي رواية عن مولانا الإمام المعظم الصادق المصدّق عليه السلام قال
إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه).. وفي بعض آخر:" فإن وجدتم له شاهداً من كتاب الله فخذوه وإلا فاعرضوه على أخبار العامة.." وبالغض عن الترجيح السندي لأخبار التساوي بالفضيلة بين النبيّ وآله الطاهرين عليهم السلام التي تترجح على أخبار أفضليته على أهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين فإننا سنفترض جدلاً تساويهما من حيث صحة السند فتبقى الدلالة متعارضة بحسب الظاهر فلا بدّ من مرجحٍ آخر لرفع التعارض الحاصل، وحيث عندنا كتاب الله تعالى هو خير حاكم في مسائل التنازع فلا بد من البحث فيه لنرى إن كان ثمة آية ترفع ذاك التعارض الواضح بين الطائفتين من الأخبار، وعند التأمل في الكتاب نرى بوضوح آيتين جليلتين ترفعان الحيرة والريب من جراء إختلاط الأخبار بعضها ببعض، وهما آية التطهير وآية المباهلة....فقد جعلت آية التطهير أهل الكساء ــ بالدرجة الأولى باعتبارهم في عصر نزول الآية الشريفة ـــ بدرجة واحدة من الطهارة والعصمة بلا تفاوت أو تخصيص لواحد على آخر، فليس ثمة قرينة داخلية في الآية تصرفنا عن تساويهم بالفضيلة بل كل فقراتها الشريفة تصب في خانة التساوي فيما بينهم من ناحية العلم والكمال والعصمة في الأقوال والأفعال والدرجات بل يمكننا الجزم بضرس قاطع بأنه ليس ثمة قرينة خارجية من آية أخرى تصرف تساويهم بالفضائل إلى واحد دون آخر، بل جميع آيات الفضائل تؤكد تساويهم في العصمة والكمال،فلو لاحظنا آية الإطاعة﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ وآية الولاية﴿ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا..﴾ وآية الرؤية﴿ قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون..﴾ وغيرها من آيات الإمامة والولاية والعلم ... كلها تصب في خانة واحدة وهي تساويهم في العصمة والطهارة والعلم والقرب من الله تعالى فليس ثمة تفاوت بينهم على الإطلاق، فوجود تفاوت في الأخبار يتعارض مع فرض تساويهم في كل شيء بمحكم الكتاب الكريم، ولا يجوز شرعاً تقديم الطائفة المخالفة للكتاب وتأخير الموافقة لأن ذلك يؤدي إلى مخالفة صريحة للكتاب وللأخبار الآمرة بعرض الأخبار المتعارضة والمتخالفة فيما بينها على كتاب الله تعالى كما أشرنا إليكم في مطاوي عرض الأخبار المعالجة للتعارض، وبالتالي فيجب الأخذ بالأخبار الموافقة للكتاب الكريم والتي منها آية التطهير والمباهلة اللتان هما القول الفصل في تساويهم بالطهارة والعلم وكل شيء.. وقبل طرح المخالفة للكتاب يجب النظر والجهد في البحث فيما لو أمكن الجمع بين الأخبار المتعارضة على القاعدة الرجالية التي كررناها مراراً في بحوثنا:" الجمع أولى من الطرح" فيجب ساعتئذٍ الجمع حتى لا نقع في محذور طرح الأخبار الشريفة فيؤدي إلى الجرأة على نبذ أخبارهم النورنية وهو عمل محرم شرعاً ومصير صاحبه إلى النار... وحيث إننا قادرون على الجمع بين الأخبار المتخالفة في مورد الفضيلة، فخير جمع بينها هو بأن نحمل أخبار أفضلية النبيّ صلى الله عليه وآله على أهل بيته الطاهرين المطهرين عليهم السلام على الأفضلية الرتبية الزمانية لا الأفضلية النفسية والروحية، بمعنى أن أخبار الأفضلية تحمل على أن النبيّ الأعظم صلوات الله عليه وآله هو أفضل منهم من حيث تقدمه عليهم زماناً أو أنه أصل وجودهم الإمكاني باعتباره العلّة الإعدادية لوجودهم الخارجي تماماً كالوالد بالنسبة إلى الولد فإن وجود الولد معلول لوجود الوالد الذي هو علّة إعدادية لوجود الولد، فالوالد سابقٌ على الولد، ولولا الوالد لما أمكن وجود الولد، فالوالد أفضل من الولد، وهكذا بالنسبة إلى النبيّ وأهل بيته عليهم السلام حيث هو علّة وجودهم فهو أفضل منهم من هذه الحيثية، والله تعالى العالم ، وقد فصّلنا ذلك في كتابنا "شبهة إلقاء المعصوم في التهلكة ودحضها" فليراجع.... والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل وسلام على القائم من آل الله تعالى والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
العبد الفقير محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 29 ربيع الثاني 1433هــ .