الإسم: *****
النص: بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صل على محمد وال محمد
مولانا سماحة ایة الله المرجع الدینی الشيخ محمد جميل حمود العاملي مد ظله
السلام علیکم ورحمة الله وبرکاتة
دمتم بالعز والهنا
نأمل من سماحتکم توضیح المسألة التالیة
العلامة الكبير المجتهد الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء يذكر في كتابه = اصل الشيعة واصولها -ص 24- ان من الصحابة من الشيعة زهاء ثلا ثمائة رجل من عظماء اصحاب النبي صلى الله عليه واله كلهم من شيعة علي عليه السلام والمتتبع يعثر اكثر من ذلك
ويؤيد ذلك السيد العلامة عبد الحسين شرف الدين الموسوي في كتاب - الفصول المهمة في تاليف الامة -
فصل كامل باسماء الصحابة الشيعة من اصحاب امير المومنين عليه السلام على ترتيب حروف الهجاء من حرغ الالف وانتهاءا بحرف الياء وفيهم الكثير من اعمام الرسول الاكرم وابناء عمومة الرسول كالعباس وابناءه والحارث بن عبد المطلب وابناءه وغيره اكثر من 15 شخص من اهل البيت النبوي
وذكر ذلك ايضا المرحوم الدكتور الوائلي في كتاب هوية التشيع
بالمقابل نجد ان امير المومنين عليه السلام يذكر -اللهم انك تعلم ان النبى صلى الله عليه واله وسلم قد قال لي ان اتموا عشرين فجاهدهم اللهم وانهم لم يتموا عشرين حتى قالها ثلاثا -بحار الانوار للشيخ المجلسي ج 28 ص229 ح 14
وفي رواية اخرى قوله عليه السلام لو وجدت اربعين ذووي عزم منهم لناهظت القوم
وامامنا الصادق عليه السلام يقول كان الناس اهل ردة بعد النبي الاثلاثة المقداد بن الاسود وابو ذر الغفاري وسلمان الفارسي -
وقوله عليه السلام - المهاجرين والانصار ذهبوا الا واشار بيده الا ثلاثا -كتاب رجال الكشي 112-113
الاشكال في المسألة هو ان شيعة امير المومنين عليه السلام هم المنقلبون على اعقابهم وهم اهل الردة والارتداد ديدنهم والاية الكريمة ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ) تنطبق عليهم اشد الانطباق وانهم لم يجتمعوا مع امير المؤمنين على الحق
والا كان كلام العلماء السابق ذكرهم غير صحيح من ان التشيع بزغ من اول يوم ظهر فيه الاسلام وان من اصحاب النبي صلى الله عليه واله من هم شيعة علي عليه السلام
الجواب دام عزكم
الموضوع: أكثر الصحابة ليسوا من شيعة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام.
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته
كثرة الأصحاب لأمير المؤمنين وإمام المتقين عليّ صلى الله عليه وآله ليست مناطاً في الإيمان والإسلام إذ ربّ كثرة لا تغني من عثرة،كيف لا !؟ وأكثرهم للحق كارهون وللباطل مناصرون، ولو فرضنا وجود هكذا عدد من المخلصين لأمير المؤمنين عليه السلام فلا يعني ذلك ديمومة إخلاصهم له لا سيّما عند إستكاك الأسنة وبلوغ المحنة التي كشفت زيفهم يوم السقيفة وإقتحام دار سيدة النساء الصدِّيقة الكبرى عليها السلام، ويشهد لما قلنا أن النبيَّ الأكرم صلى الله عليه وآله كان على فراش الموت وطلبهم بدواة وقرطاس فلم ينصره أحد منهم ولا أنه أخذتهم عصبية الحق للدفاع عنه،وما ذلك إلا لأنهم كانوا كالخشب المسندة والأحجار المصفوفة...!!. وما ورد في الأخبار من أن إمامنا المعظم أمير المؤمنين عليه السلام لم يجد أنصاراً فصحيح لا ريب فيه وقد دلت على ذلك الأخبار الكثيرة المفسرة لقوله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً فقد ارتدت الأمة عن بكرة أبيها بعد شهادة نبيَّها وإغتصاب أبي بكر وعمر للخلافة الشرعية الخاصة بأمير المؤمنين وإمام المتقين عليّ صلى الله عليه وآله وإعتدائهم عليه وعلى زوجته الصدِّيقة الكبرى الزهراء البتول صلوات الله عليها فضربوها وضغطها عمر بن الخطاب بين الحائط والباب فكسر أضلاعها وأجهض جنينها محسن عليه السلام وتناوب القوم على ضربها بالسياط وحاول خالد بن الوليد لعنه الله تعالى قتلها لمّا أخرج سيفه من غمده فهجم عليه أمير المؤمنين عليه السلام وكاد يقتله لولا أن حلّفوه بصاحب القبر أي رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم ينصره صلوات الله عليه وأهل بيته إلا خمسة هم: سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد والزبير، وبقية الصحابة الذين كانوا في المدينة تخاذلوا عنه، فمن هنا عبرت الآيةعنهم بالإنقلاب على الأعقاب وهو الإرتداد، وكذلت دلت عليها الأخبار الكثيرة، فما المانع من أن يرتد أناس كانوا مؤمنين ومخلصين ولكن إيمانهم وإخلاصهم كان مستعاراً ومستودعاً كما جاء في الأخبار بأن الإيمان على قسمين: إيمان معار أو مستودع وآخر إيمان مستقر، فالإيمان المستودع هو الذي يزول بتوارد الشبهات والنوائب والتدليسات، والإيمان المستقر هو الذي يستقر في القلب ولا يزول بالشبهات ونزول النوائب والبليات وصاحبه في أمنٍ وأمان من خطرات إبليس وتدليساته ونفثاته وهو مصداق قوله تعالى أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه وأما صاحب الإيمان المستودع فهو متزلزل لا يكاد يثبت على دينه بل هو في معرض الإنزلاق في الهاوية أعاذنا الله وإياكم من ذلك، قال إمامنا ومولانا المعظَّم الصادق المصدق عليه السلام:" إن الله جبل النبيين على نبوتهم فلا يرتدون أبداً وجبل الأوصياء على وصاياهم فلا يرتدون أبداً وجبل بعض المؤمنين على الإيمان فلا يرتدون أبداً، ومنهم من أُعير الإيمان عارية، فإذا هو دعا وألح في الدعاء مات على الإيمان".
وعن الفضل بن يونس عن مولانا الإمام المعظم أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال:" اكثر من أن تقول( اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير).." أي لا تخرجني من التقصير في الإيمان ....والزبير كان إيمانه مستعاراً لأنه لما استشهد النبيّ صلى الله عليه وآله إخترط سيفه وقال: " لا أغمده حتى أبايع الإمام عليَّاً عليه السلام " ولكنه اخترطه ثانية ضد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في معركة الجمل مع عائشة حيث قادت الجيوش لحرب إمام المتقين أمير المؤمنين عليّ صلى الله عليه وآله ولعن الله محاربيه وظالميه....وهكذا أكثر الصحابة إرتدوا على أعقابهم بعد موت النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله فكان إيمانهم مستعاراً وليس مستقراً، فما ادّعاه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وأمثاله من " أن صحابة أمير المؤمنين كانوا فوق الثلاثمائة" على فرض صحتها لا تستلزم صحبتهم لأمير المؤمنين عليه السلام أن يكون إيمانهم إيماناً مستقراً بل كان إيمانهم إيماناً مستودعاً بحاجةإلى تثبيت ولو كان إيمانهم مستقراً لما حصل منهم الإرتداد بعدم النصرة له عليه السلام ...فمجرد الصحبة للنبيّ والوليّ عليهما السلام لا تستلزم عقلاً الإيمان المستقر لمن لا يملك القابلية الداعية إلى ذلك لأن الإيمان أمر إختياري بيد المكلف قابل للشدة والضعف ،وبالتالي فإن أكثرهم كانوا أصحاب مصالح أو أنهم ممن تملكهم الخوف وحب الدنيا وهما من لوازم الإيمان المستودع فتامل...والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
عبد الحجة القائم أرواحنا فداه وعليه السلام/محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 16 جمادى الأولى 1433هــ.