الإسم: *****
النص: باسمه تعالى والحمد له وكفى والصلاة الدائمة على محمد المصطفى وعلي المرتضى وآلهما واللعنات الابدية على شجرة الزقوم الاموية ..
السلام عليكم شيخنا الاكبر ورحمة الله وبركاته
ما هو مصدر خطبة البيان ؟ اما التطنجية والافتخارية فموجودتان في كتاب مشارق الانوار المستطاب للحافظ رجب البرسي قدس سره ،
واجمالاً هل خطبة البيان واخواتها اعني التطنجية والافتخارية من الروايات المعتبرة التي يطمئن بصدورها عن معدن العلم والفهم والفصاحة والبلاغة ؟
ام انه كما ادعى البعض انها من وضع الغلاة الكذابين ؟
وما هو رأيكم بكتاب خطبة البيان في الميزان لسيد جعفر مرتضى العاملي ؟
نأمل منكم كشف الظلمة بالاجابة على هذه الاسئلة والسلام خير ختام
عبد المولى علي
احمد *****
الموضوع : دفع الإشكال المتوجه على خطبة البيان والإفتخارية والطنتجية
بسمه تعالى
والحمد لله والصلاة على رسوله محمّد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
إلى العلامة الجليل والفاضل النبيل السيِّد أحمد الموسوي دامت بركاته
السلام عليكم ورحمته وبركاته ....
تعاني ساحتنا الشيعية اليوم الكثير من التعقيدات والشكوك العقدية والإضطرابات الفقهية والتاريخية بحيث لا يسلم شيءٌ من شيء، فحتى المسلَّمات أُقحِمَ إليها الشكوك، والشكوك والظنون لواقح الفتن ومكدرة لصفو المنائح والمنن، وسبب إنتشار الشكوك هو ضعف اليقين بمقامات آل الله تعالى بالإضافة إلى الضعف العلمي عند الكثير من المنتسبين إلى علوم أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، وليس من الصدفة أن يولد في حوزاتنا أُناس أفرزتهم جهات ذات طابع أشعري ومعتزلي لأجل التلاعب بمقدراتنا التاريخية والعقدية والفقهية ليتسنى لهم الهيمنة الفكرية على القواعد المؤمنة فيخرجونها من نور الولاية إلى ظلمة العامة! لا لشيءٍ سوى تكثير الجموع من هنا وهناك لأجل الحكم ليتقاسموه فيما بينهم ولو كان على حساب التشيع والشيعة، فلا يهمهم أمر التشيع بمقدار ما يهمهم إرضاء الخط البكري والعمري لأجل حلمهم وهو السلطة، وقد تحقق لهم ذلك فقلبوا الشريعة رأساً على عقب بتشكيكاتهم في كلّ شيء عبر مؤسسات إعلامية وزرع شخصيات ظاهرها علمي وباطنها أشعري يعتمد على العقل في إستنتاجاته، فما لا يقبله عقله فلا وجود له في الشريعة حتى ولو كان مدعوماً بألف دليلٍ وبرهان، فصارت أفكارهم هى كعبة القاصدين من هواة الدين والمتمظهرين بشعائره ونسكه، فسهلوا عليهم أمور الدين فأباحوا لهم المحذورات القطعية في الكتاب والسنة، فصار الحلال حراماً والحرام حلالاً... كلُّ ذلك بإسم الدين والتمسح بأذياله الشريفة التي يحاول هؤلاء العفاريت تدنيسها..وهيهات لهم من ذلك!!! إن دين الله لا يُصاب بالعقول والأقيسة والظنون والشكوك، وسيبقى هذا الدين منيعاً ما بقي له رعاة أتقياء عارفون بمقامات أقطابه ودعائمه الذين لولاهم ما عُرِف الله ولولاهم ما وحِد الله تعالى، فالتّوكّل على الله تعالى والإستنجاد بأهل بيت العصمة والطهارة وبالأخذ ممن تمسك بأذيالهم المقدّسة من العلماء العارفين بمقاماتهم الشريفة هما الدعامتان القويتان اللتان بهما يمكن التغلب على أولئك العفاريت، فيلزمنا في حوزاتنا علماء شجعان للدفاع عن آل الله تعالى ومعارفهم الطاهرة، إن الشيعة بحاجة إلى علماء غيارى على آل محمد عليهم السلام... علماء رهبان بالليل وليوث في النهار ومأمونين على الدين والدنيا لا تأخذهم في الله لومة لائم، أمّا الذين باعوا أنفسهم للشيطان ولموائد الدنيا فركبوا مراكب العامة فلا يجوز الأخذ منهم ولا المشي في ركابهم قال تعالى ( فلينظر الإنسان إلى طعامه إنّا صببنا الماء صبّاً.....) حيث أمرت بالطعام الطاهر والزكي، ولا يقتصر الطعام على المادي منه فحسب بل شمل العلوم والمعارف حيث هو أوجب بالزكاة والطهارة من الطعام المادي، فعن مولانا الإمام أبي عبد الله عليه السلام في تفسيره لهذه الآية في صحيحة زيد الشحام قال: علمه الّذي يأخذه عمّن يأخذه.( تفسير البرهان ج4/429) وعليه فإنّ بعضاً من أهل العلم ممن لم تدخل حلاوة علوم آل محمّد إلى قلوبهم، ولم يتربوا على أخبارهم بل قضوا أعمارهم في مطالعة أخبار العامة والتفاعل معها دون أخبار أهل بيت العصمة والطهارة، فأثّر ذلك في نفوسهم فزادتها كدراً على كدرها، وظلمة على ظلمتها (ظلمات بعضها فوق بعض) لذا لم يتأثروا بأخبار آل محمّد قال تعالى حكايةً عنهم ( وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها) الأنعام/25 (وإن يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلاً)الأعراف/ 146(وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً)(وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم)الطور44(وإن يروا آيةً يعرضوا ويقولوا سحر مستمر)القمر 2(وقال موسى ربنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربّنا ليُضلوا عن سبيلك، ربّنا اطمس على أموالهم واشدُد على قلويهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم) يونس/ 88 .
والخطب المتقدم ذكرها في غاية البلاغة العالية التي لا يحيط بمفرادتها إلا القلائل من أعلام هذه الأمة الذين حباهم الله تعالى فهم الكتاب والسنة وألهمهم لحن كلام آل الله تعالى، وأما المستغرقون بالقشور دون اللب والبطون فلا كلام لنا معهم لأنهم لا يؤمنون ولو جئتهم بالف ىية ودليل.... فهم دائماً رافضون وللحق كارهون ولأسرار آل الله تعالى منكرون.... لا سيما وأن ما جاء في الخطبة الطنتجية من الأسرار والمعاجز العلوية ما تبهر العقول وتخمد النفوس، وسبب تسميتها بالطنتجية إنما يُعلَم من نفس تسميتها بالطنتجين الذي يعني البحر الواقع وراء طنجة التي هي المغرب العربي، فالإمام أمير المؤمنين سيدنا المعظم إمام المتقين عليّ صلى الله عليه وآله حيث أسرى به الله تعالى إعجازاً وكرامة له بروحه وجسمه إلى تلك البقعة المباركة ليطلعه على عجيب مخلوقاته بدلالة قوله في الخطبة المذكورة الشريفة: ( أنا الواقف على الطنتجين .. أنا الناظر إلى المشرقين والمغربين، رأيت رحمة الله والفردوس رأي العينن وهو في البحر السابع يجري في الفلك في زخاخيره النجوم والحبك، ورأيت الأرض ملتفة كإلتفاف الثوب القصور) وسبب رفض الّذين أنكروا البيان المروية في البحار وإلزام الناصب، وكذا الخطبة الإفتخارية والطنتجية وخطبة حديث النورانية،ـــــ وهي خطب مروية في مشارق الأنوار ــ صفحة مئة وستون ــ وغيره من كتب الأحاديث المعتبرة عند الإمامية، وقد نقلها الحافظ رجب البرسي أعلى الله مقامه الشريف ـــ هو أمران:
(الأوّل): ضعف أسانيدها.
(الثّاني): ضعف دلالاتها ـ بحسب دعواهم ـ من حيث نسبة بعض أفاعيل الربوبية إلى أنفسهم المقدّسة،فزعم هؤلاء أنها من أحاديث الغلاة والمفوّضة.
وهنا نحن نورد على كلا الدعويين بتوفيق الله تعالى.
أما الأمر الأول: فيرد عليه:
(أوّلاً):إن حصر وجه ردّ الأخبار وقبولها على ضعف رجال السند ووثاقتهم من أوهن الطرق وذلك لأنه يؤدي بالبديهة إلى طرح طائفة كبيرة من الأخبار ـ إن لم يكن جُلُّها التي نقطع جزماً بصدورها وورودها عن مشكاة العصمة الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وطرح تٌلكم الأخبار المتكثرة يؤدي إلى خلل عظيم في الشريعة المقدّسة لا يمكن جبره أبداً... مضافاً إلى ذلك فإن المعلوم عند عامة الشيعة نسبة تلك الخطب الشريفة إلى أمير المؤمنين وإمام المتقين عليّ صلى الله عليه وآله بحيث لا يكاد أحدٌ من الشيعة يشك في نسبتها إليه عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات إلا من أصحاب النفوس المريضة والعقول الفاترة والهمم الباردة...!!.
إشكال وحل:
وجه الإشكال: إن البعض يقول بأن خطبة البيان نسختان مختلفتان فلا يكاد يتفقان في مفرداتهما إلا نادراً، كما يوجد فيهما زيادات ما يسقطها عن الحجية في مقام الإستدلال..!.
جوابه: إن تعدد النسخ أو اختلافها ليس عيباً في الرواية أو الخطبة كغيرها من الأخبار المتعددة النسخ كما لا يقدح التعدد المذكور من العمل بمضمونهما معاً لإحتمال تعدد الخطبة في عدة أماكن ومناسبات وهو أمر شائع في عالم الخطابة لا يخفى على متقنيها ومزاوليها فلا معنى للتشكيك بهما بتعدد النسخ واختلافهما .... فتأمل.
(ثانياً): إنّ ردّ أولئك العلماء لتلك الأخبار العظام لم يكن مبتنياً على إرجاع المتشابه إلى المحكم، والضعيف إلى المستفيض أو المتواتر أو المحفوف بالقرينة، بل كان بسبب ضعف السند وعدم القدرة على تأويل الدلالة بما يتناسب مع الأسس العقدية، ما جعلهم يهيمون على وجوههم مستنكرين ومكذبين لتلكم الأخبار المعجزة ببلاغها وتركيبها الأدبي واللغوي والغيبي، وردُّ الأخبار لمجرد عدم إحتمالها وعدم القدرة على تأويلها هو الإنكار بعينه الّذي هو أساس الفسق أو الكفر بالولاية حسبما جاء في نصوصنا الصحيحة سيما في صحيحة أبي عبيدة الحذاء التي سوف تأتيكم.... هذا مضافاً إلى أن الإعتماد على السند الصحيح هو شأن من لا يرى الطريق فيحتاج إلى عصاً في المسير،وأما من فتح الله تعالى مسامع قلبه فعرف لحن كلام ساداته ومواليه عليهم السلام وحفظ الميزان الذي وضعوه لنا وهو إرجاع المتشابه إلى المحكم من الكتاب والسنة فمثله لا يحتاج إلى هذا التكلف الموقع صاحبه في المحذورات والهلكات بل يقبل كل ما وجده موافقاً للقسطاس المستقيم وإن جاء به كافرٌ ودهريٌّ، ويرده أو يؤوله إذا لم يجده كذلك وإن جاء به أفضل من يوثق به.
وهذا القانون أو القسطاس المستقيم سلكه في الأخذ بالأخبار ولو كانت ضعيفة سنداً أكابرُ الأصحاب،فكم من خبر ضعيف يقبلونه ويعملون به إذا وجدوه موافقاً لميزان الكتاب والسنة الشريفة،وكم من صحيح يطرحونه إذا وجدوه مخالفاً لذلك،لذا اشتهرت بينهم قاعدة رجالية مفادها:
أعراض المشهور عن الخبر يُوجب وهنه حتّى ولو كان سنده صحيحاً ،وأخذهم للخبر يوجب قبوله وصحته ولو كان سنده ضعيفاً... وليت شعري إذا كان المرجع في العمل بالأخبار وتركه ما ذكرنا عنهم فما هي الحاجة إلى التكلّفات التي ارتكبوها في تشخيص أحوال الرجال ومعرفة صحيحها من سقيمها؟.
انْ قال قائل: ان الداعي والحاجة إلى هذه التكلّفات التي ارتكبوها هو قوله سبحانه( ان جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا...) الآية حيث دلّت على وجوب البحث عن الخبر الثقة دون غيره حسبما فهموه من الآية الشريفة فلا يجوز الأخذ بخبر الفسّاق.
قلنا: نعم قول الله تعالى صادق مصدّق ولكن معناه غير ما فهموه وقرروه وقاسوه لأنّه تعالى لم يقل: (إن جاءكم فاسق بنبأ فاطرحوه...) وإنما قال(فتبينوا) وأيّ تبيّن أعظم من عرض النبأ على الكتاب والسنة القطعية، وقد جاءت النصوص المتواترة بعرض الأحاديث على الكتاب سوآء كانت صحيحة السند أم ضعيفة،ولا خصوصية للخبر الضعيف سنداً، وإليك قسماً من تلكم الأحاديث:
أ ـ ففي موثقة السكوني عن الإمام أبي عبد لله عليه السلام قال: قال رسول الله: إنّ على كل حقّ حقيقة وعلى كلّ جواب نوراً،فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.
ب ـ وعن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق بهم ومنهم من لا نثق به؟ قال:إذا ورد عليكم حديث فوُجِد ثمة له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به.
ج ـ وعن أيوب بن الحر قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكلّ حديثٍ لا يوافق كتاب الله فهو زُخرف.(لاحظ صحيفة الأبرار ج 1 ص 19 ـ 20 ووسائل الشيعة باب القضاء.
(ثالثاً): ورد في الأخبار الصحيحة والتي عملت بها الطائفة أن عدم التسليم لأخبارهم ينم عن عدم الإعتقاد بفضلهم والتسليم لأمرهم وإليكم بعضاً منها:
أ ـ ما ورد عن منتخب البصائر عن جابر أن الإمام أبا جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله : إن حديث آل محمّد عظيم صعب مستصعب لا يؤمن به إلاّ ملك مقرّب أو بني مرسل أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه،وما اشمأزت له قلوبكم فردوه إلى الله وإلى الرسول وأولي العلم من آل محمّد، وإنّما الهالك أن يحدّث أحدُكم بالحديث أو بشيء لا يتحمله فيقول الله ما كان هذا ،والله ما كان هذا، والإنكار لفضائلهم هو الكفر. (صحيفة الأبرار ج1/55)
ب ـ وفي موثقة أبي عبيدة الحذّاء قال:سمعت أبا جعفر(ع) يقول في حديث له: إنّ أسوء اصحابي عندي حالاً الذي سمع الحديث من دان ينسب إلينا ويروى عنا فلم يحتمله قلبه إشمأز منه وجحده وكفّر من دان به ولا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج إلينا أُسند فيكون بذلك خارجاً من ديننا.(نفس المصدر والصفحة).
ج ـ حدثنا الحسن بن حمّاد الطائي عن سعد عن جعفر عليه السلام قال:حديثنا صعب مستصعب لا يتحمله إلا ملكٌ مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن أو مدينة حصينة،فإذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا من شيعتنا أجرى من ليث وأمضى من سنان ليطأ عدونا برجله ويضربه بكفّه وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه إلى العباد( صحيفة الأبرار ج1 ص46).
د ـ وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر(ع) قال: حديثنا صعب مستصعب لا يتحمله الأثلاث، نبي مرسل أو ملك مقر ـ أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، ثم قال: يا أبا حمزة ألا ترى أنه اختار لأمرنا من الملائكة المقرّبين ومن النبيين المرسلين ومن المؤمنين الممتحنين(نفس المصدر).
هـ ـ وعن أبي الصامت قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان .... وعر لا يتحمله ملك مقرب ولا نبيّ مرسل ولا مؤمن ممتحن، قلت فمن يتحمله جعلت فداك؟قال: من شئنا يا أبا الصامت. قال أبو الصامت فظننت أنّ لله عباداً أفضل من هؤلاء الثلاثة.(نفس المصدر).
و ـ وفي حديث أبي الربيع الشامي عن أبي جعفر قال:كنت معه جالساً فرأيت أبا جعفر قد نام فرفع رأسه وهو يقول :يا أبا الربيع حديث تمضغه الشيعة ما تدري ما كنهه، قلت ما هو جعلني الله فداك؟ قال: قول أبي علي بن أبي طالب: إنّ أمرنا صعب مستعصب لا يتحمّله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبدٌ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. يا أبا الربيع ألا ترى أنّه قد يكون ملكٌ ولا يكون مقرّباًُ ولا يتحمله إلا مقربٌ،وقد يكون نبيّ وليس بمرسل ولا يتحمله إلا مرسل، وقد يكون مؤمن وليس بممتحن ولا يتحمله عبدٌ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. (نفس المصدر).
ز ـ وورد في صحيحة أيد الشحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له إنّ عندنا رجلٌ يقال له كليب ،فلا يُجيء عنكم شيئاً إلاّ قال أنا أسلّم فسمّيناه كليبٌ يتسلّم ، قال فترحّم عليه ،ثمّ قال أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال: هو والله الإجنات في قول الله تعالى ( الّذين آمنوا وعملوا الصالحات واختبوا إلى ربّهم).
ح ـ وعن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فدال يأتينا الرجل من قبلكم يُعرف بالكذب، فيحدّث بالحديث فنستشقله ( أي نستثقله على نفوسنا وفي نسخة نستبشعه) فقال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: أيقول لك أنّي قلت اللّيل أنّه نهار؟ والنّهار أنّه اللّيل؟ قلت : لا ،قال: فإن قال لك هذا أني قلته فلا تكذّب به ، إنّما تكذّبني..".( نفس المصدر).
وفي رواية أخرى عن سفيان السمط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الرجل يأتينا من قبلكم فيخبرنا عنك بالعظيم من الأمر فتضيق لذلك صدورنا حتى نكذبه، فقال عليه السلام: أليس عني يحدثكم؟ قلت: بلى، قال عليه السلام : فيقول لليل أنه نهار وللنهار أنه ليل ؟ قلت: لا , قال: فردوه إلينا، فإنك غذا كذبته فإنما تكذبنا ".
وفي رواية أخرى أيضاً عن عليّ بن سويد السائي عن مولانا الإمام المعظم أبي الحسن عليه السلام أنه كتب له في رسالته:" ولا تقل لما يبلغك عنا أو ينسب إلينا هذا باطل وإن كنت تعرف خلافه فإنك لا تدري لمَ قلناه وعلى أي وجه وضعناه !؟ ".
ـ هذه ثلّة من الأخبار عرضناها عليكم ليتّضح لكم بأنّ الإنكار هو الكفر فعلى المؤمن المعتقد بالأئمة الأطهار من آل الله تعالى أن يسلّم بكلّ ما ورد عنهم عليهم السلام إلاّ ما خالف الضرورات العقلية والنقلية القطعية، من هنا قال مولانا المعظّم الإمام الصادق عليه السلام لسفيان بن السمط (أيقول لك أنّي قلت اللّيل أنّه نهار والنّهار أنّه اللّيل )؟ أي أنّه هل قلب الموازين الضرورية حتّى تصدّقه؟ فما دام الراوي لم يقلب الموازين القطعية فلا يجوز تكذيبه، ما يعني جواز العمل بالخبر الضعيف سنداً شريطة عدم مخالفته للأصول والثوابت، ومجرد وجود متشابه في خطبة البيان وغيرها وعدم قدرة البعض على تأويلها وردها إلى المحكمات العقلية والنقلية لا يكون مناطاً وملاكاً لقبولها أو رفضها بنظر هذا البعض بل يجب عليه أن يراعي الاصول المحكمة في التأويل أو يردها إلى أهلها من العلماء الربانيين القادرين على فكّ رموزها ومبهماتها ومتشابهاتها...!.
وعليه فإنّ التعويل على صحّة السند حِرفة الضعفاء الّذين لا يمشون إلاّ متّكئين على عصاً ظاهرية، أمّا الّذين فتحوا مسامع قلوبهم للحق وعرفوا لحن خطاب أئمتهم المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين فيقبلون بكلّ ما جاء عن ساداتهم تسليماً لأمرهم وانقياداً لشأنهم بالشروط التي ذكرنا آنفاً.
(رابعاً): من الواضح في علم أصول الفقه بأن الأخبار التكوينية والملاحم والفضائل والمعاجز والمغيبات وعلامات الظهور الشريف والأدعية والظلامات وسنن الماضين وأحوال الحكام والسلاطين.... لا يشترط فيها صحة السند بل يكفي فيها أن تكون دلالتها غير متعارضة للكتاب والسنة القطعية وحكم العقل، فيجوز الإعتماد على الأخبار الضعيفة الأسانيد بالشروط التي أشرنا إليها وبالتالي فلا يصح طرحها وإلا لأدَّى ذلك إلى طرح المئات بل الآلاف من الأحاديث المتعلقة بالموارد التي ذكرناها آنفاً، وهو ما جرت عليه السيرة بين الفقهاء والأعلام حيث ينقلون أخباراً من كتب المخالفين في القضايا غير الفقهية لأن أدلة حجية الخبر الواحد الثقة إنَّما هي خاصة بقضايا الفقه ولا تشمل غيره من قضايا التاريخ والملاحم وما شابه ذلك.. كل هذا على مبنى القائلين بوجوب الأخذ بالخبر الثقة في المجال الفقهي وهي ما يطلق عليها بحجية الخبر الثقة، ويعارضه مبنى آخر هو حجية الخبر الموثوق الصدور في المجال الفقهي لا خصوص خبر الثقة، وبينهما بون شاسع، إذ قد يكون الخبر صحيحاً من ناحية السند إلا أنه ليس موثوقاً به من ناحية الدلالة، ولا ملازمة بين وثاقة الراوي وكون الخبر موثوقاً بالصدور، بل ربما يكون الراوي ثقةً ولكن القرائن والأمرات تشهد على عدم صدور الخبر من الإمام عليه السلام وأن الثقة قد التبس عليه الأمر أو أن الأعداء دسوه في أخبارنا فركبوا الأسانيد على المتون، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأن المناط هو في حجية الخبر الموثوق الصدور، فساعتئذٍ تكون وثاقة الراوي من إحدى الأمارات على صحة الخبر الموثوق الصدور ولا تنحصر الحجية بالخبر الثقة....فمجرد قيام الشواهد على صحة الخبر الضعيف يكون كافياً شرعاً بوجوب الأخذ بأصل الخبر لقيام الأمارات على صحته، فيكون العمل بالقرينة لا بنفس قول المخبر بما هو هو بل بما يخبر عنه.... وهذا المبنى هو الصحيح عندنا تبعاً للمتقدمين من أعلام الإمامية وثلة من المتأخرين وهو موافق لسيرة العقلاء التي جرت على الأخذ بالخبر الموثوق الصدور وإن لم تحرز وثاقة المخبر لأن وثاقة المخبر طريق إلى إحراز صدق الخبر، وعلى ذلك فيجوز الأخذ بمطلق الخبر الموثوق الصدور إذا شهدت القرائنُ والشواهد عليه، وهذا ما حصل في خطبة البيان والطتنجية والإفتخارية وغيرها من الخطب الغيبية الدالة على الفضائل والملاحم ....وبالتالي فإن القاعدة التي أشرنا إليها من حجية الخبر الموثوق الصدور ـــ المدعومة بالأصل الدال على عدم إشتراط الوثاقة في أخبار الملاحم والفضائل وما شابهها ـــ تلزمنا بعدم جواز ردّ هذه الخطب لما في الرد من المخالفات الشرعية التي أشرنا إلى بعضها وسنشير إلى البعض الآخر بعد قليل.
وأما الأمر الثاني ـ أعني ضعف دلالة تلك الخطب الشريفة من حيث نسبتها بعض أفاعيل الربوبية إلى نفس الأئمة المقدسين عليهم السلام ، فيرد عليه :
(أولاً): لم نجد ـ بحسب تتبعنا لفقرات تلك الخطب الشريفة ـ ما يخالف كتاب الله وسنة نبيه الكريم بل كل فقراتها قد دلت على صحتها القرائنُ والشواهدُ من الكتاب والسنة المطهرين ، بل إن فيها مواقف للأصول الإعتقادية عندنا، وكل فقراتها قابلة للتأويل،بل هناك أخبار أوردها ثقاة المؤرخين والمفسرين من الشيعة الإمامية أمثال الصفار والكليني وغيرهما أعظم خطراً من تلك الموجودة في الخطبة التطنجية والبيان والإفتخارية وحديث المعرفة بالنورانية ، ولم يعترض أحدٌ عليها بإعتراض... كل ذلك بحجة أن أسانيدها صحاح وفي غاية الإعتبار، وهل الميزان في القبول والرفض هو صحةالسند فقط ( أي خبر الثقة) أم ثمة طريقٌ آخر مبنيٌّ على الأخذ بمدلول الأخبارالتي عليها شواهد وقرائن تثبت صحتها( أي خبر الموثوق الصدور) ؟.. الصحيح هو الثاني حسبما جاء في الأخبار من عرض الأخبار على الكتاب ولم تتعرض إلى عرض الأسانيد على الكتاب،فلم يرو عنهم إنهم قالوا : أعرضوا أسانيد الأخبار المنسوبة إلينا على الكتاب ، وإنما قالوا (أعرضوا أخبارنا على الكتاب فما وافقه فخذوه وما خالفه فأضربوه عرض الجدار ).
(ثانياً): إن المتتبع لفقرات تلك الخطب الشريفة يجد الكثير من القرائن التي تصرف الأُلوهية عن الأئمة الأطهار إلى الله تعالى،كما أن فيها الكثير من التحميد والتهليل والإعتراف بالوحدانية لله تعالى والشهادة لرسول الله بالنبوة والرسالة .
وعليه فأين وجه المخالفة فيها كما يدَّعون ؟! اللهم إلا ضعف العقول في المعقول والمنقول .فالذين يقدرون عظمة الله بقدر أفهامهم الضعيفة وأوهامهم السخيفة لفي جهل عريض عن معرفة المقامات السامية الرفيعة لأئمة آل البيت عليهم السلام مع أنه قد علم من بين لابتيها أن أحدهم لو أخبر بأن الله عز وجل قد خلق ملكاً لا ملك أعظم منه لا يتحرك مَلَكٌ في السماوات والأرض إلا بإذنه قد وكّله الله سبحانه بتدبير أمور خلقه فهو تعالى يلقى إليه ما يريد إيجاده وهو يجريه فيهم بإذنه فهو الخلاّق لما في الأرحام والنافخ فيهم روح الحياة والسائق إليهم الأرزاق، والقابض لأرواحهم عند الممات، وهو الّذي يُجري الأنهار، ويُهطل الأمطار ويقدّرها، ويُنبت الأشجار ويونع الثمار ويومض البرق ويسوق الودق ويذري الرياح ويغلق الاصباح ويدير الشمس والقمر والنجوم في مجاري الأفلاك ويُجري الفلك في البحر ويزجره بالمدّ والجزر، وهو ـ أي الملك ـ الذي حمل نوحاً في السفينة وأنقذ إبراهيم من النار،وأخرج يونس من بطن الحوت وجاوز موسى بن عمران البحر وكلّمه من الشجرة ونطق على لسان عيسى في المهد وتكلّم مع رسول الله ليلة المعراج من وراء الحجاب يُظهر أيّ صورة من الصور شاء ولا يشغله شأن عن شأن، خلقه الله قبل خلق الخلق بثمانين ألف سنة وأشهَدَه خلق السماوات والأرض وأودعه علم ما كان وما يكون فهو يعلم قطرََ الأمطار وكيلَ البحار وعددَ الرمال ووزنَ الجبال وأعدادَ النجوم وذراتَ ما في النجوم ولو شاء لحضر في جميع أقطار السماوات والأرض في لمحةٍ واحدة ويمدّ يده من فوق العرش ويأخذ ما تحت الثرى،وإليه إياب الخلق يوم القيامة وعليه حسابهم ،لا يجوز أحدٌ الصراط إلاّ بإذنه، ويقرأ جميع الكتب المنزلة في لمحةٍ واحدةٍ بلسانٍ واحدٍ، إلى غير ذلك من الأمور البديعة والأوصاف العجيبة لم ينكره أحدٌ أبداً، ولن يقول أن هذه الأمور من صفات الله سبحانه وتعالى الخاصّة به بل يعتقد ذلك كلّه في حقّه أشد اعتقاد من غير أن يبحث عن رجال الخبر أو يقول أن مفاد أخبار الآحاد الظنُّ وهو غير كافٍ في الاعتقاديات وأشباه ذلك من الشكوك والشبهات، والدليل على ذلك أنّه سمع كثيراً من هذه الأوصاف في حقّ الملائكة مفرقة، ولم يقابل شيئاً منها بالإنكار ولا نسَبَ رواة أخبارها إلى الغلو في حق الملكِ، بل نقلها في محافل العوام إعجاباً لهم واستمالةً لقلوبهم، ولو أنّ أحداً منهم استبعد شيئاً من ذلك عاتبه وقال له: ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير، فإن كان هذا حال هؤلاء في حق الملائكة الذين جعلهم الله خدام آل محمّد الطاهرين عليهم السلام، فليت شعري ما الذي دعاهم إلى إنكار أمثال هذه الأوصاف في حقّهم ونسبة أخبارهم إلى الضعف، واتهام رواتها بالغلو والارتفاع، مع أنهم رووا الأخبار الكثيرة في باب الفقه وغيره التي لا مسرح للعقل فيها بحجة ان ليس للعقل في الفقه مسرحٌ ومجال، وتأويلهم للكثير من الأخبار في غير باب الفقه وفي غير باب الفضائل بما يتناسب ومشاربهم الأصولية وطرقهم الاستنباطية، أليس الأحرى بهم أن يؤولوا تلك الخطب الشريفة التي تناولت بعض أسرارهم وفضائلهم، لقد أوّلوا كثيراً من الأخبار في غير الفضائل ولكن عندما تصل النوبة لديهم إلى حق محمّد وآل محمّد وعلو شأنهم استوحشوا منه غاية الوحشة وكأنّما عُصِرت في عيونهم حبُّ الحصرم... أعاذنا الله وجميع عباده المؤمنين من طبع القلوب وعمى الأبصار ووقر الإسماع وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(ثالثاً): مجرد الطعن في هذه الخطب الشريفة بدعوى أن فيها إرتفاعاً عن مستوى الإمكان والحدوث.... فمما لا يلتفت إليه، وذلك لما لها من المعاني والمحامل التي تُصْرَف إليها، من باب حمل المتشابه اللفظي على المحكم العقلي واللفظي والإصطلاحي الكلامي، ومن باب أن في كلامهم سبعون ظهراً وسبعون بطناً، وأنهم يتكلمون بالكلمة ولهم منها سبعون وجهاً ومخرجاً كما جاء ذلك عن مولانا الإمام المعظم الصادق المصدق عليه السلامن وعلى قاعدة" أن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ثلاث: ملك مقرب أو نبيٌّ مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان" وقولهم:" إن أمرنا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر والسر المستسر وسرٌ مقنع بالسر"...فإذا كان هذا حالهم وشأنهم عليهم السلام في مراداتهم فكيف يحصر كلامهم في شيءٍ مخصوص بمن يكون عقله قاصراً عن الإحاطة ببعض معاني كلامهم بحيث ينسب الكلام المنسوب إليهم بأنه غلو وباطل مع عدم إدراكه لشيء من ذلك...؟!... ولو أن العاجز عن إدراك كلامهم البليغ كان منصفاً مع نفسه والآخرين لكان نسب العجز إلى نفسه وعقله لا إلى بليغ كلامهم..!! ولكنَّ الجهل يطغي ويعمي ويصم...!.
فاتضح بما تقدَّم : أنّ العقول الناقصة ليست بحجة في جرح الأمور الدينية النظرية وتعديلها مالم يصدقها الكِتاب والسنة فلا حكومة لها مستقلة في تلك الأمور بل الواجب عليها إتباع ما يصدر عن بيت النبوة والولاية، فإن عرفت معانيه فهو، وإلاّ فيجب لها السكوت والتسليم والسؤال من الله أن يعلّمه مالم يكن يعلم، ولكن هيهات أين أبناء الزمان من هذه النصيحة فإنّ كلّ برّ وفاجر يرى عقله معصوماً لا يغفل وعالماً لا يجهل كأن كتاب الله عليهم نزل وميراث النبوة إليهم إنتقل، فهم أمناء الوحي والتنزيل وفي بيوتهم نزل أمين الله جبرائيل.
(وبالجملة): جعلوا كتاب الله وسنّة نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله تابعين لآرآئهم الفاسدة وأهوائهم الكاسدة، فتبّاً لهم لأنّهم لم يراعوا الرواية حق رعايتها من الدراية والتأمل بمعانيها ومفرداتها طبقاً للغة والإصطلاح.
يجب على العقول إتباع ما يرد عليها من النواميس الشرعية فإنْ عرَفته قبلته وآمنت به على التفضيل وإن لم تعرفه لقصور استعدادها في معرفة بعض المعاني العالية، فإنْ عرفت صدورها عن معادن الوحي على سبيل الإجمال، وتركه في سُنبله وعدم التعرّض لتأويله وتفصيله، وان لم تعرف صدورها على القطع بأن لم يتبين لها ذلك فلا يجوز لها أن تنكره وتطرحه بمجرد عدم فهمها لمعناه لأنّ الله لم يجعل غير المعصوم حجّةً على الخلق ولا على نفسه إلا بعد البيان من المعصوم عليه السلام بل يجب لها السكوت ورد علمه إلى الله والراسخين في العلم إذ لعلّ في الحجاز أو باليمامة من يعرفه ويعرف موردَه ومصدره فدخل دار السلام وعرف لحن الكلام فأنِس بما استوحش منه المكذّبون وأباه المسرفون، ولا حجة لمن لا يعلم على من يعلم، هذا وإن لم تُطعك نفسك على السكوت وأبت إلاّ الوقوف على مبدئه ومنتهاه فأطلبه من هؤلاء المشار إليهم فإن الله من لطفه لا يخلّي الأرض من أمثالهم، أو إعمل بما علمت على سبيل القطع من دلالات الكتاب والسنة يعلّمك الله مالم تعلم . قال رسول الله: من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم، وفي الحديث القدسي: (ما زال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها).
والسّرّ في ذلك أن حقيقتك الوجودية صفة الموجد العليم، فكما جاهدت نفسك ومحّضتها بصلابة التأديبات الإلهية نعُمت ولطُفت، فظهر فيها نورُ جانب الربوبية الوجودية العلميّة،وضعُف فيها جانب ظلمة الإنيّة التي هي الجهل والفقر والمعصية،والعكس هو الصحيح .
وبهذا البيان يدفع ما أشكله بعض حملةِ العلم ممن لم يراعوا حقّ العلم ولم يحفظوا حدوده هداهم الله سبحانه إلى طريق السداد وألجم النواصب منهم بلجام النيران وأعاذنا منهم ومن شرورهم بحق الحق والقائل بالصدق محمّد وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين سيّضما قائمهم المعظَّم الحجة بن الحسن أرواحنا فداه وجعلنا من أعوانه وخيرة أنصاره، والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
عبد الحجة القائم عليه السلام/محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريح 15 جمادى الأولى 1433هــ.